© 2023 All Rights Reserved.
بخلاف شعراء آخرين استفادوا من حصول أوطانهم المُستَعْمَرَة على استقلالِها في النصف الثاني من القرن العشرين، لم ينل الشاعر الفلسطيني محمود درويش حظوة مماثلة، مع أنَّ نتاجاته الأدبية وشهرته استثنائية. إذ إنَّ مسيرته الأدبية ابتدأت وانتهت تحت وطأة الاحتلال: فقد هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي قريته–مسقط رأسه؛ البروة، في الجليل العام 1948، واليوم، وعلى مدِّ البصر، تحيط المستوطنات الإسرائيلية بضريحه الكائن فوق تلَّةٍ في رام الله.
احتفى النقاد بدرويش، في تسعينيات القرن المنصرم، لنجاحه بالنأي اللائق بنفسه عن تشابكات المشكلات الفلسطينية المعقدة. إذ عبَّر عديد منهم عن قدرة درويش على استحضار الشعر الغنائي من تجربته الخاصة، بغية الحديث عن التوتر الوجودي العالمي لحقبةِ ما بعد الحداثة.
يشتمل مشروع “توتر أزلي” على مجموعة من العروض التي لا تحتفي بأعمال درويش وأثره الأدبي العالمي فحسب، بل تستكشف، أيضاً، إبداع درويش بوصفه شخصية ثورية رمزية، ووطنية، وعربية وقومية، ومرجعاً أساسيّاً للشعر الحداثي الملتزم. يبحث مجموعُ هذه العروض في كيفية توظيف إرث محمود درويش، وتمثيله، وتأويله بين مختلف الأجيال والمدارس الفكرية. وتُركِّز نقطةُ الانطلاقِ لعديدٍ من الفنانين المشاركين على طريقة التوظيف المنهجية للتأطير الأبوي لدرويش ونتاجاته، وكيف أدى ذلك إلى تهميش الأنواع الشِّعرية والأجناس الأدبية الأخرى؛ البعيدة عن الالتزام بالفعل السياسي، والتقليل منها، وإزاحتها.
© 2023 All Rights Reserved.